تركيا طبعت 300 مليار ليرة فى 14 شهر فقط (من 3/2017 الي 5/2018)
.
ال300 مليار دي مولت 410 الف شركة يعني 1/5 حجم السوق التركي
.
ال300 مليار دى فى شكل قروض من صندوق حكومي
.
الصندوق جاب ال300 مليار دى عن طريق الطباعة
.
الصندوق لجأ للطباعة عشان الاقتصاد معطل ومفيش موارد من مصادر طبيعية
.
الصندوق منح القروض دى للشركات دى بالحجم دة وبضمانات ضعيفة
.
الصندوق بيمنح القروض بفايدة اقل مالبنوك ب4% كاملين , وكمان مبيمعملش استعلام اضافي علي العميل اللى هياخد القرض زي ما اي بنك بيعمل
.
الشركات كانت مبسوطة جدا ان فيه قروض بفايدة قليلة ومفيش استعلام مدقق ومش مطلوب ضمانات كتير
.
بعدها بشوية الصندوق قرر يلغي الضمانات اصلا , اي شركة اتاسست امبارح وملهاش اي تاريخ ولا مبيعات ولا نشاط ومعدية فى الشارع ممكن تخش الصندوق وتاخد قرض
.
الفكرة من القروض هى تنشيط السوق , لكن تنشيط باسلوب كارثي وخطير
واتكلمت عن المشكلة دى كذة مرة سابقا
.
الاسلوب الكارثي دة تسبب فى تضخم وتدهور لسعر العملة
.
تدهور العملة بيحصل لما عملتك المحلية تكون كميتها كتيرة وبدون غطا كافي من الدولار , او بمعني اخر : الدولار الخارج من البلد اكبر من اللى داخل (47 مليار دولار صافي الخروج السنوي وبيرتفع - دة اسمه عجز الحساب الجاري) والديون الخارجية وصلت ل 450 مليار دولار
.
تدهور العملة بيعمل تضخم , هقول مثال افتراضي للتبسيط :
من 5 سنين كان ممكن تشتري 4 علب عصير ب 1 ليرة , النهاردة بتشتري علبة واحدة بنفس كمية الفلوس 1 ليرة , دة اسمه تضخم
سعر الصرف امام الدولار من 5 سنين كان 1.5 ليرة , النهاردة 4.5 ليرة
.
الفارق دة اسمه تراجع فى القوة الشرائية للعملة
.
اذن المشكلة فى حاجتين :
1 - طباعة ليرة كتير اوي ومنحها فى شكل قروض بدون انتاج مناظر بنفس القدر ولا غطا ولا اصول ولا ضمان
2 - خروج دولار كتير اوي اكتر من الدولار اللى داخل للاقتصاد (استثمار بيتخارج , سياحة بتقل , عجز فى التجارة يعني بيستوردو اكتر ما بيصدرو)
.
طب هما بيعملو كدة ليه ؟
.
عشان عايز يعمل نمو , اي نمو حتي لو نمو مش حقيقي
ومفيش فلوس فى الاقتصاد او الخزانة العامة , فبيطبع والناس تبقي مبسوطة والاقتصاد يظهر وكأنه بينمو ,
ويطلع يقولك "عملنا اعلي نمو فى العالم وفى مجموعة العشرين فى الربع الرابع من 2017"
وانا وقتها قولت حرفيا ان دة نمو وهمي وهينتج عنه مشكلة(فى التعليقات هتلاقي البوست) , اتريقو عليا ... معلش محدش بيتعلم بالساهل
وبالتالي هو بيحاول يرضي الناس , يرضي الناخبين , يحسن صورته قبل الانتخابات
مكنش فيه حد واقف ضد العبث دة الا البنك المركزي التركي لكن طبعا مقدرش يعمل حاجة
.
دة اسمه السبب الفني/التكنيكال المباشر , ايه السبب الاساسي او الجوهري ؟
ليه اساسا موارد الاقتصاد وقفت واضطريت تطبع كتير كدة ؟
ليه الدولار بيخرج بالكمية الكبيرة دى ؟
ليه المستثمرين خايفين ؟
ليه واحد زي الراجحي ثامن اغني رجل اعمال بالشرق الاوسط واكبر مستثمر سعودي فى تركيا بيقول "هروب ولو بنصف ثروتك" ؟
ليه كل بنوك الاستثمار والصناديق بتنصح عملائها بالخروج مالسوق فى اسرع وقت ؟
.
هنا بنروح للسياسة وبنخرج مالاقتصاد
.
الازمة بدأت مع ثورات الربيع العربي , بدأ يظهر قدامنا حاجة جديدة اسمها "زعامة العالم الاسلامي او استرجاع امجاد الخلافة العثمانية"
.
بدأت تركيا تحاول فرض نفوذها الاقليمي من تونس لليمن مرورا بمصر وسوريا ولبنان والعراق
.
بدأ يحصل مشاكل بسبب الطموح العثماني دة , طبيعي يبقي فيه رد فعل
تدهور العلاقات مع الجيران والشمال السوري الموالي لتركيا بقي عبء علي الجنوب التركي وعلي الاقتصاد التركي
.
الارهاب بدأ يضرب قلب أنقرة
توتر داخلي مع المعارضة ومظاهرات متكررة واعتصامات واحتكاكات مع الامن ومناظر طاردة للاستثمار
.
انفاق مالي كبير علي التدخل الخارجي دة
تمويل جماعات موالية للحلم العثماني فى سوريا
ارسال القوات المسلحة التركية خارج البلاد لتنفيذ عمليات فى اطار محاولة فرض النفوذ الاقليمي
.
الانقلاب الفاشل واغتيال السفير الروسي كانوا كاشفين لمشاكل داخلية عميقة فى الدولة التركية
.
الانقلاب عمل توتر كبير فى الاقتصاد وتعطيل لعدد من انشطته وموارده الطبيعية اللى بتعتمد علي عنصر ضروري وهو الاستقرار وسيادة القانون وتماسك المؤسسات والامن
.
ردا علي السياسات التركية , اوروبا أنهت مفاوضات انضمام انقرة لليورو
فتدهورت العلاقات بين تركيا والاتحاد الاوروبي اللى هو اكبر مستثمر هناك واكبر ممول واكبر مقرض والاقتصاد معتمد عليه بشكل شبه كامل
.
اتجهت تركيا للخليج عشان يعوضها عن اوروبا , جت الازمة مع قطر وبسبب السياسات الخارجية التركية اللى بتستلهم مبادئها من العثمانية فأتخذت موقف مع قطر وايران وضد السعوية/الامارات/مصر/البحرين
وكدة بدأت تركيا تخسر تاني اهم شريك اقتصادي : الخليج العربي
وقطر وايران مستحيل يقدروا يعوضوا تركيا عن السعودية والامارات
.
الصراع بين الرئاسة التركية (رجب اردوجان) والبنك المركزي (مراد جيتينكايا) , الخلاف بين المؤسسات شيء طبيعي بس المشكلة ان الصراع كان علني ودة عمل قلق وعدم يقين بشأن السياسات الاقتصادية وتضارب الاهداف والصراع الداخلي بين المؤسسات وبعضها
.
البنك المركزي مستقل بحكم القانون فى 90% من دول العالم , رئيس الجمهورية مش من حقه يتدخل فى قرارات المركزي
المشكلة ان كل تصريح للرئيس التركي ضد البنك المركزي كان بيأذي الاقتصاد وبيعزز قناعة المستثمرين والشركاء الدوليين ان تركيا فيها مشكلة كبيرة
.
ايه حل المشكلة ؟
البنك المركزي رفع الفايدة من 10.5% يونيو 2016 ل 16.5% مايو 2018 وفيه اجتماع 7 يونيو الجاي ومتوقع جدا يرفعها تاني لحدود 18%
.
البنك المركزي اتأخر فى القرار دة , سبب التأخير هو تدخلات الرئيس
يعني القرار دة كان المفروض يتاخد من شهرين وكان ممكن ينقذ الامور
الفكرة من رفع الفايدة ان الربح عالوديعة يزيد فالناس تروح البنوك تحط الدولار هناك وتعمل وديعة بالليرة بالربح/الفايدة الجديدة
فيحصل طلب مرتفع عالليرة وينخفض الطلب عالدولار , وزي اي سلعة عليها طلب قليل (الدولار) وعرض كتير فبينزل سعرها او قيمتها
.
هل السياسة دى هتنجح ؟
هتنجح جزئيا لو البنك المركزي استمر مستقل وحر ومفيش تدخلات بس الامور مش بالسهولة دى
لان فيه انتخابات مبكرة هتحصل 24 يونيو ولو فاز فيها اردوجان فالموضوع هيتعقد اكتر لان فوزه معناها استمرار نفس السياسة الخارجية والاقتصادية
.
طب ايه الفرق بين مصر وتركيا , ماهو مصر بتطبع بردو ؟
كل دول العالم بتطبع فلوس , الطباعة دى زي الهوا اللى بنتنفسه
حاجة بتحصل كل يوم عادي جدا , القصة كلها فى : كيفية ادارة الطباعة"
يعني هتعمل ايه بالفلوس دى , فين الغطا بتاع الفلوس دى , الغرض استهلاكي ولا استثماري , لو هتدي الفلوس دى لشركات فى شكل قروض , فين ضمانات القروض دى , فين الانتاج المقابل للطباعة دى ؟
.
مصر عملت كدة فعلا بس امتي ؟
فى اعقاب ثورة يناير لحد 2014 وجزء من 2015
الشارع مولع ومحدش عارف يسيطر وفاتورة الدعم والاستيراد والاجور عايزة فلوس وموارد , الاقتصاد واقف ومتعطل ومفيش موارد طبيعية , اطبع فلوس , اطبع تاني , اطبع بغباوة وغشومية , ادعم العملة , خد ديون , ادفع فوايد ديون
كل دة عشان ترضي الناس ومتزعلهمش , رشوة يعني
.
مع الاصلاحات الاقتصادية وتغير سياستنا اصبح رضا الناس مسألة غير هامة للادارة المصرية زي فترة 2011 وما بعدها وبالتالي كل التهريج والعبث دة توقف , لسة بنطبع وهنفضل نطبع بس طبع مُدار بشكل عاقل واقتصادي سليم , جزء من الديون بيروح لحاجات مش انتاجية زي الاجور لكن الاغلبية بقت بتروح لمشروعات البنية التحتية , مشروعات حقيقية واصول وضمانات tangible يعني ملموسة
دة غير ان الاقتراض فى مصر مشدد جدا ونظامنا المصرفي قوي ومتماسك ودة لانه غير متساهل فى مخاطر الائتمان
.
طب ليه انخفاض العملة فى مصر كان ايجابي وفى تركيا سلبي ؟
.
لان مصر بتعمل برنامج اصلاحي معلن من 2014 وبالشراكة مع صندوق النقد من 2016 , اساسه تحرير العملة
تركيا محررة العملة من 2006 وبدات الاصلاحات فى 1994 لحد 2008 واخدت من الصندوق 42 مليار دولار قروض , يعني مرحلة الاصلاح انتهت والعملة متعومة
.
مصر كانت بتدعم العملة لحد نوفمبر 2016 , ثانيا مصر مخططة لتحرير العملة وبالتالي انخفاض العملة كان ضمن خطة متكاملة مش مفاجأة ولا صدمة ولا ناتج عن تدهور اقتصادي
.
وبالتالي كل ارقامنا اتحسنت , التصنيف الائتماني المصري اتحسن , التركي تدهور
الحساب الجاري المصري نزل من 9.4 مليار دولار ل 3.4 مليار دولار , التركي طلع من 36 مليار دولار ل 47 مليار دولار
الاحتياطي المصري بيزيد , التركي بينخفض
سعر الفايدة المصري بينخفض , التركي بيزيد
التضخم المصري بينخفض , التركي بيزيد
.
وبالتالي انخفاض العملة فى مصر ايجابي للسياحة والاستثمار والتصدير , فى تركيا عجز الميزان التجاري زاد 38% فى 2017 مقارنة ب 2016 و فى مصر انخفض ب 25%
.
كل دة أدلة علي ان فيه فارق بين انخفاض عملة من اصلاحات وانخفاض اخر من تدهور
.
اكتر تعليق ضحكني هو تعليق الايكونوميست وكان قبل الازمة باسبوع واحد
"The wonder is not that turkey is skirting the edge of a crisis , but that it has managed to avoid one for so long"
ليس العجيب ان تركيا استطاعت تجنب الوقوع فى الكارثة , العجيب انها استطاعت تجنب ذلك لفترة طويلة جدا"
مفاتش اسبوع وفرقعت الماسورة فى وشنا
.
#الازمة_الاقتصادية_تركيا
#الليرة_التركية
#سعر_الفائدة
#مصر
#تركيا
#الاصلاحات_الاقتصادية
#الديون
الكاتب الاقتصادي محمد نجم على صفحته على الفيسبوك
No comments:
Post a Comment